منذ كنت في الثانوية لم أجد ما يثير شغفي مطلقاً وكنت أعمل في قرطاسية والدي، وأقرأ المانجا التي أجدها في صندوق إعادة التدوير الذي نمتلكه في المحل، لم أدخل الكلية ولم أكن مهتماً بمتابعة دراستي فأنا في كل الأحوال لا أحب الدراسة. يوماً ما وحين كنت أتصفح وسم رسومات معجبين المانجا التي أنهيت قراءتها تواً، وجدت أسلوب رسم لفتني ففتحت حساب الرسام لأرى بقية رسوماته... فوجدتها جميلة بشكل لا يصدق، أصابني فضول بشأن هذا الرسام الفنان وتفاجأت حين وجدته حساب فتاة عربية الأصل، حينها تذكرت أصدقائي عندما كنا في لبنان خلال المرحلة الابتدائية ... وتذكرت تنمر البعض على ملامحي واسم عائلتي وابتسمت وأنا أقولها بالعربية:" شو هالسخافة؟" تابعت حسابها وأغلقت الجوال وعدت للعمل وحين غادر الزبون عدت لأجدها قد أزالتني من قائمة متابعيها... ففتحت قصتها لأجدها تقول (ما أدري ليش يتابعوني ناس مو عرب وأني ما أتكلم إلا عربي... يفكروني باتابعهم؟ بس يزيدوا العدد بدون فايدة) فعدت لأتفقد محتوى حسابي... صور طبيعة وشجر وإعلان محل والدي وجميعاً بوصف ياباني، فأنشأت حساباً آخر اخترت له اسم مستخدم عشوائي وكتبت به تعريفاً بالعربية وتابعت مجموعة حسابات رسامين من بينها حساب تلك الفتاة ... التي بالمناسبة اسمها زهور، لم تزلني كما فعلت في المرة الأولى فقضيت الوقت أتصفح كل شيء في حسابها حتى وصلت لأول صورة وضعتها، شعرت بأنني أعرفها منذ زمن لمجرد قراءتي لما قالته تحت منشوراتها، لا أعرف ما الذي أصابني حينها لكنني عدت وتصفحته مرات عديدة وعلقت على كل شيء ... كان كل ما أرجوه أن تجيبني ولو مرة على ما أقوله... وبالفعل فعلت! في ذلك اليوم بقيت الابتسامة تلازم وجهي طوال اليوم، ربما إعجابي برسمها قد تطور قليلاً فبدأت أحاول تقليدها وأحاول رسمها هي كما أتخيلها... الطبع رسمي لم يكن جيداً أبداً لكنني استمريت المحاولة والتدريب كل يوم، مرت ٣ سنوات على تدربي وبات مستواي جيداً للغاية... فأخبرتني أمي أنها تريدني أن أكمل دراستي، فاجأني ذلك ورفضته بكل ما لدي من قوة فأنا لا أحب الدراسة، لكنها قالت:" أول مرة بشوفك بتحب شي هالأد... صرلك تلت سنين وأنت عم ترسم، ليش ما تدخل كلية رسم وتخليها مهنتك" كانت تلك الكلمات هي ما جعلتني أشد عزيمتي لأدرس حقاً، كنت واثقاً أن الدراسة ستحوي كثيراً مما أكره فعله لكنني أردت فعل ذلك لأجل أمي ولأجل نفسي، وما شد عزيمتي لفعلها أن زهور ستفعل ذلك أيضاً بعد أن انهت دراسة تصميم الأزياء. اختفت زهور لوقت طويل عن الإنستغرام في فترة تسجيلي في الكلية، ولسوء حظي لم أجد مكاناً متاحاً في الكلية التي أردتها واضطررت للذهاب لكلية للأجانب باعتباري ذو عرق مختلط رغم جنسيتي اليابانية، لم أكن متحمساً للذهاب فقد احتجت لدافع أكبر لأذهب لتلك الكلية... لا أعرف أحداً يدرس معي فالغالبية أصغر مني والكثير منهم مبتعثون من بلدان مختلفة.
Comments (0)
See all