عارف متعجرف يصدق أنه بنى نفسه بنفسه، نسى أنه في البداية كان مجرد طبقة خارجية صنعتها لجذب ناتالي وها قد نجحت في هذا. من التعيس أنها لا تحبني من أجل نفسي و حقيقتي لكن ما بيدي غير الترجي أن هذه فرصة حقيقية جائت تجاهي بعد ما يقارب العقد من سرقتها لحياتي.
- - هل نجحت فعلاً يا عارف؟
- - أجل! لقد حققت ما أنت عاجزا عنه يا ضعيف،إنتهت إتفاقيتنا و الآن لي نفسك و محبوبتك. أنت من أردتها كل تلك السنوات لكنها تريدني أنا. لا تعرف ما الذي أهيئه من أجلها.
- - لا…أرجوك، أنا من سمح لك بالحدوث و هي سبب حدوثك، لما العقاب ؟
- - أنت من أحظر الشر إلى هذا العالم لذا ستعاقب.
- - إسمعني للحظة…
وقفت أمام المرآة في صمت أنظر إلى نفسي.
- - تفضل.
- - لست متأكداً إن كانت هي بعد…قد تكون مجرد قصة…
- - أوه… يا للقرف.
- - أجل…تحبها أيضا صحيح ؟
- - ما هذا الهراء! أريد أن أنتقم فقط. فلتذهبا إلى الجحيم معاً!
- - الجحيم معها جنة يا عارف…لا تنسى أنك ستأتي.
- - بما تتمتم؟
- - لا شيء…تباً.
“ لم أصدق أنه حل مكان الكوابيس أحلام جميلة بعد مرور كل تلك السنوات التي لم تفارقني خلالها قصص رواها الشيطان. كانت تلك الرحيمة متعبة أحيانا حيث أكون محتجزة بين الواقع و الأحلام. كانت تلك الحالة مرهقة فعلاً، تفرغني من الطاقة القليلة التي أحاول إكتسابها من خلال النوم، فأستفيق كالزومبي السعيد لأنني فجأة إكتفيت بوجوده عن كل العالم و زدت إنطوائية عن ذي قبل. كان يؤدي دور الدكتور النفسي الذي أخبره بكل شيء، كان يسمعني بكل تمعن ثم يدعمني عاطفيا، شيء أنا لم أكن أعرفه. أقنعت نفسي أنني من كنت بحاجته و لم أفكر في الأمر مرتين.
38
كنت أحاول أن أخفي سعادتي عن نفسي، كنت أهرب من ذاكرتي، كنت أستيقظ وأكبت ذلك الشعور لأتجه إلى الحنفية وأغسل وجهي فأنظر إلى نفسي في المرآة و أرى نفس الشكل الذي كنت أراه في الحلم بالضبط ثم أضع السائل الكولاجين كي ينقذ بشرتي مما سببه التوتر، أنتظره ليجف لدقائق ثم أضع واقي الشمس الذي لم يكن يقيني من الشمس بل من الضوء. تلك الرائحة القوية التي تعطي إنطباع الجدة الغنية كانت تذكرني بالإستيقاظ سعيدة فأتوه في تساؤلاتي وأحاول أن أنتبه إلى أي شيء قد يلهيني عن ذلك الوهم.
لكن هل الهروب إلى القمر قد يجنبنا الدوران حول الأرض؟
لما أهرب؟ أنها مجرد أحلام. لما أسمح لشيء ما أن يوقفني عن معرفة الحقيقة؟ لا أعتقد أن هذا حدس، على الأغلب مجرد تخوف. ما الذي سيجعلني أفهم خوفي لو هربت؟ لما المماطلة؟
- - لما تماطلين يا ناتالي؟
- نظرت إلى نفسي في المرآة ورأيت شخصين في نفس الجسد. كانت عيناي مختلفة، كانت نظرة عيني اليمنى مليئة بالخوف، كانت تحذرني لكن اليسرى كانت تتحداني و كأن القدر يعرف إنني عسراء. إبتسمت لنفسي وقبلت التحدي.
تجهزت، حملت حقيبتي والسماعات في يدي اليمنى ومفاتيح السيارة في اليسرى. كان الجو أبرد من المعتاد لدرجة أن أظافري أصبحت زرقاء لكنني لم أبالي ففي يدي مهمة. جلست على المقعد الخلفي ووضعت السماعات ثم بحثت عن موسيقى تشابه مزاجي، من غير إيريك ساتي؟ موسيقاه الكئيبة قد تساعدني على التذكر.
رجعت بالذاكرة لأول يوم حلمت به. أصبح المنظر وراء الزجاج النافذة ضبابياً فجأة. كان قلبي يتسارع كأنه المسؤول عن الذاكرة، أخذت نفساً عميقاً…
40
كان فاصلاً دراسياً، المدرس في المنتصف ومجموعتين من المقاعد تواجه بعض. كنت أجلس مع شخص أسيوي. في الحلم، كنت أعرفه لكنني لا أعرف من هو في الحقيقة. كنا نتكلم ونساعد بعض في حل ما يبدو على أنه إختبار ما. كان عارف يرمقني بغضب من الجهة المقابلة، لم أعره الإهتمام وواصلت كلامي مع الشاب الذي كان يجلس بجانبي. أخذ الموضوع بعض الوقت ليأتي المدرس ويخبرنا أنه سيمنحنا نظرة على نتائج الإختبار الماضي.
41
وضع النتيجة أمامي لأتفاجئ أنها أعلى ما تم الحصول عليه في فصلنا كله رغم كثرة العدد، بدأت أقرأ ما كتبته - كنت غائبة في الحلم الماضي على ما يبدو - كان المضمون حول شيء علاقة بالشياطين والأشباح. لا أعرف أن كان يجب علي أن أستغرب أم الفخر أولى.
أحسست أن شخص ما ينظر إلي، رفعت نظري فإذ بي رأيت أنه لا يزال يرمقني بإفتراس، كان غاضب لدرجة الفوران. لينتهي المشهد وأستيقظ.
رجعت للواقع فوجدت نفسي أضحك بصوت عالٍ و السائق مستغرب جداً، لم يرني أبتسم من قبل.
43

Comments (0)
See all