المقدمة
حيث تكون الشاشات و الأوراق تبدأ
الأحداث، سواء كانت بإقتناء رواية تعبر
عن ما يشبهنا أم بضغطة زر كانت
بالخطأ...
1
“ في أعماق كل شخص منا تسكن ذات صغيرة، لا سلطة لها لكنها تخبرنا بما هو قادم، تحذرنا كجدة صارمة لم تعد الحياة معيقا لها، أنا - ورغم نفوري من هذه الكلمة - أثق بالذات الصغيرة خاصتي، أنا ناتالي كتب علي العذاب. لم أرتح و لا أتوقع الراحة لنفسي على أية حال، رغبتي العلم و السلم، لكنه فرض علي السكوت أيا كان الموقف و أيا كانت جريمتي و حتى لو لم أكن مجرمة العقاب من نصيبي.
تختلف طرق التعذيب النفسي التي أمر بها، كانت خارجية في البداية لكنني إحترفت تعذيب نفسي فصرت أنسى أني إنسان، حرمت على نفسي الخطأ، حرمت عدم المعرفة و قلة الدهاء، حرمت على نفسي أن أغامر بمشاعري أيضا. ”
- ناتالي معقدة.
و أنا مجنون ، لم أكتفي بحكمي على شخصية خيالية بل و تكلمت بصوت مرتفع ليسمعني الجميع.
“ من ظلمني ؟ هل أنا مظلومة ؟ لا أدري و لا أريد أن أظلم أحد و الحقيقة أنني أخاف أن أظلم، أخاف أن أخطىء، لن أنام لو شبه لي أنني أخطأت، أخاف أن أخيب ظن نفسي فأنا في الجمع متمردة لا شيء يقف في وجهي عائقا لكن، متمسكة بخوفي من نفسي، نرجسية كأن في العالم لا يوجد غيري و مجرد التفكير بأنني محدودة القدرات يدفعني إلى الجنون، أستمتع بوحدتي الدائمة فلا أريد احدا ليلازمني.”
- ناتالي مؤلوفة ، تشعرني بالغثيان…تشبهني…مختلفة عني لكنها تشبهني.
2
أنا عارف لكنني لا أعرف شيئا، أخاف العالم الخارجي، أقدر العلاقات الإجتماعية كثيرا ، أحيط نفسي بالبشر رغم أنني أجد نفسي وحيدا أغلب الأوقات كأنها لعنة حلت علي، أخاف الإنحلال كأن أحدهم وضع على عاتقي مهمة حماية المجتمع من الفساد و التمرد و إنتشار الأفكار السامة ، أخاف نهاية الزمان فأنا أرى أنه لم يبقى الكثير و رغم أنني مقتنع لازلت مرعوبا من هذه الفكرة ، و في إنتظار هذا اليوم الشؤم تمر أيامي عصيبة و مخاوفي تتشكل كثقة زائفة أحاول المواجهة بها.
“ سمعت اليوم أنهم قتلو أشجارا من أجل إنشاء طريق جديد، قتلو الأشجار و ما تنتجه الأشجار، سلبو منازل ما يسكن الأشجار، سرقو الحياة من أجل طريق يختصر الوقت 5 دقائق، سيشتنشقون الإسفلت يوما ما للبقاء أحياء. يومها سيركضون بحثا عن الأشجار ليعانقوها، لا أريد أن أعيش تلك اللحظة، أريد أن تتوقف الحيوانات عن الإنقراض، أريد أن ترجع آخر فصيلة من الأسود - التي إنقرضت من سنوات قليلة - إلى الحياة، أريد ألا أضطر توديع فرس النهر و الكوالا، أريد السلام للطبيعة، أريد العدل، أريد أن أفهم الكون.”
3
-1-
فلتصمتي يا أنا
“ لوحدي أحارب الوحدة أئبى أن أستسلم لمن يقول أنني أحتاج شخصا ما فأنا أرفض أن أخون نفسي فأقع في الألم ، ليتني قلت هذا لعلاقتي الأولى التي بدأت و لم أكن مستعدة لها و إنتهت بي و أنا أحتضر، لكن الغريب أن ما انقذ حياتي شيطان .
هذا ما قاله حبيبي السابق بل قاتلي، كان يدفعني لأنتحر كل ليلة ثم يلومني على الأشياء التي فعلتها و التي فعلها هو، كان يطعنني بكلامه ثم يدعي أنه لم يقل شيء و أنني أختلق المشاكل كي أتهمه المسكين. كنت أصدقه لأنني أردت أن أكون مثالية في نظره، أردت أن أكون أي شيء يريده لأنه شريكي، منحته الأولوية برغبتي و كنت لأفعل هذا مع أي شخص قد يكون شريكا لي، لكنني وجدت نفسي مع الشخص الخطأ.
كل شيء قد إنتهى، أنهيته بنفسي لكن لا تزال إحدى آخر جمله عالقة في ذهني.
- - إنفصالنا لم يكن بسببي، إنهم لا يريدوننا مع بعض.
- - من هم ؟
- - يزورونني في أحلامي ليحاولو إبعادي عنكِ.
لم أصدقه، ضننت أنه يبحث عن طريفة ليتهرب من شناعة أفعاله - لا شيء قد يغفر له - وفعلا كان يتهرب لكنه لم يكذب فقد كان شيء ما يطارده فعلاً و لكن حبه لإمتلاكي كان أقوى فلم يستسلم رغم كوابيسه التي كانت تطارده كل ليلة، رغبته في تدميري كانت أقوى بكثير.
أسرفَ في التشكي من الكوابيس فإضطرني إلى أن أسأله أن يصف لي ما يراه بالضبط.
يقول أنه رأى طفلة صغيرة تشبهني كثيرا إقتربت منه و إبتسمت، سألها عن مكان أهلها فأشارت لي و للشخص الذي كان يقف بجانبي فعرف أنني تزوجت غيره .
- - هل بإمكانك وصف الشخص الذي رأيته ؟
- - كان غني، أغنى مني.
- - لن يشتريني ماله، أريدك أن تصف شكله - لعلي أعرفه - لن أتعرف عليه عن طريق حسابه في البنك.
- - لا أتذكر شكله.
لم أصدق أنه لا يتذكر شكله، أنه لا يريد أخباري."
4
“تعرفت على حبيبي السابق عن طريق الإنترنت و على أصدقائي القليلين أيضا، يختفون بعد فترة قصيرة لسبب ما. قد يكون لأنني لا أتواصل كثيرا أو لسبب غير ذلك، قد يكون خطأ ورد مني أو سوء تفاهم لكنهم في الأخير إختفو كلهم، حزنت على بعضهم كثيراً لدرجة أنني لا أزال حزينة و هل يا ترى يتذكرونني ؟
تعرفت أيضا على أشخاص لم أتأثر بوجودهم لكن هل تأثرو هم ؟ و كيف قد يكون ذلك ؟”
أتسائل عن آراء الناس بخصوصي ، كيف يرونني ؟ كيف قد تراني ناتالي لو كانت شخصية حقيقية ؟ هل قد تكون ناتالي موجودة ؟ الذات الصغيرة خاصتي تخبرني بشيء مبهم لكنه قوي ، لعلي لست كناتالي لأفهم حدسي بشكل عميق و قد أكون أتخيل هذا الشعور بسبب رواية خيالية على الأغلب ، يمكن أن يكون الهدف منها غسيل المخ ، من المستحيل أن أتأثر بشخصية خيالية من صنع شخص ما فمن الممكن أن تكون ناتالي رسالة شيطانية.
- - لا ليست حقيقية.
- - من ؟
- - لا أحد، إنسى الأمر يا مالك.
- - ما الذي يشغلك يا صديقي ؟ ما الذي تقرئه ؟
- - رواية عن فتاة ما.
- - و لما وجهك شاحب ؟ هل أنت مزعوج أنها غير حقيقية ؟
أعرف أنه كان يمزح معي لكنني إنزعجت بالفعل.
5
“في كل مرة كنت أقابل شخصا جديداً كانت ذاتي الصغيرة تخبرني عن طبيعة الشخص، لم أكن أصدق لكن بفعل الخبرة أثبتت نفسها علي و أعترف أنها أحكم مني و تساعدني كثيراً فهي تخبرني ما إن كان الشخص سيأثر علي، قد أكون مهووسة بإستشارتها و أخشى تحديها فهي لسبب ما أعلم عني من نفسي و بمستقبلي. رفضت تصديقها مرات كثيرة و لا تزال العواقب تطاردني .
صرت أحاول تفادي أن أجادل نفسي في ما يخص الحدس و بالفعل أصبحت قدرتي على تفادي السلبية و ضياع الوقت أحسن بكثير .
أحيانا كانت التحذيرات أحاسيس معينة، ثقة زائدة كأنها قطعة بزل* تأكدت أنني وجدت موضعها الصحيح و أحيانا كانت كوابيس، بالتحديد في ما يخص الأشخاص الذين يحاولون التقرب مني من حيث الحب و العلاقات العاطفية. كنت أراهم يرتكبون أشياء تثير إشمئزازي لكن خلال نومي تكون ردة فعلي أقوى بكثير - أكاد أن لا أتعرف على نفسي - فأفيق من النوم و أنا متأثرة من كثرة المشاعر السلبية لكنني لم أكن أظهر هذا لأي أحد إلى أن أكتشف أن ما رأيته في حلمي صحيح. تختلف السيناريوهات من الشخص الذي تقرب مني ليثبت لمعارفه أنني سأضعف من أجله إلى الذي بعد أشهر من الصداقة - التي كانت في طريقها للتحول لعلاقة جدية - إكتشفت أنه يسرب أسراري و قصصي لأخواته من غير إذن مني.
تذكري لهذا الموقف يكفي ليشعل غضبي، مذاق الكعك و اللاتيه* في هذه اللحظة سيء جداً، لم أرد أن أقطع جلستي الهادئة و العميقة مع شاشة الكمبيوتر بذكريات تجعلني ألوم نفسي لأنني لا أثق بحدسي و أحلامي الغريبة، أتعجب من قدرتي على تجاهل الصدف التي كانت قد تنقذني من شعور الندم الذي لا يفارقني.
في داخلي أعرف أنني أرفض حدسي للأنني لا أريد أن أظلم أحدهم بسبب شيء غير منطقي، كيف سأبرر هجومي ؟ ماذا سيكون دليلي ؟ إن لاحظو أنني إنتبهت لأفعالهم قد يتظاهرون أني مجنونة و يخفون كل الأدلة لينتهي بي الأمر أشكك في كل شيء من جديد. قد أظهر على أنني شخصية سامة لكنني لن ألازم شخصا يشعرني بالجنون و لن يصبح بيتي مصحة عقلية بجدران جميلة."
7
Comments (2)
See all