- - نمت و أنا أبكي. لم أكن أعرف!!
شاركت في معاناتها! عجبا لقصة تجعلني نرجسيا ثم ترغمني أن أقتل نفسي شاعراً بالذنب. لقد عذبت الفتاة التي أحببتها فعلا! إلى أين ستأخذني هذه المذكرة ؟ هل قد تكون ناتالي فعلاً نفس الشخص ؟
- - ناتالي…لا يليق بها هذا الإسم، سطحي جداً مقارنة بها. قد لا يكون إسمها الحقيقي. لما تخفي هويتها ؟ بسببي ؟ ضعيفة شخصية ؟ كفى سطحية يا عارف، لها أسبابها الخاصة.
“ - أخاف التلامس من المستحيل أن يتقبل عقلي شيء يرعبني، فهل له القدرة أن يحوله إلى سيناريو عاطفي ؟
- - معك حق، هذا غريب. ما كان شعورك الحقيقي ؟
- - كنت مستغربة.
- - أقصد شخصيتك في الحلم.
- - كانت أقرب إلى النجوم، تسللت برودة الفضاء من جسده إلى جسدها. عاشت هي اللحظة و علقتني بالذكريات.
- - ذكريات ؟
- - ملمس يديه، رائحة عطره، حرارة جسده…
- - لكي أن تصفي ؟
- - أكيد…كانت بشرته رطبة بلا خدوش و لا بقع جافة. كان يرتدي قميصا رماديا بنصف كم و رغم أن الجو كان صيفيا إلا أن ذراعيه كانت باردة نوعا ما…لم يكن يضع عطرا كان يضع كولونيا.
- - ألا ترين أن هذه التفاصيل كثيرة بالنسبة إلى حلم ؟
- - بلا، لا تتنشط المناطق المسؤولة عن الرائحة و اللمس خلال الحلم. لقد أجرو دراسة بهذا الخصوص.
قلت هذه الكلمات ثم عضضت على لساني كي أوقف جريان الأفكار، لكي لا أسمح لما قلته للتو أن يسرق إنتبهي. كانت تلك الفترة حساسة إحتجت أن أركز على دراستي أولا ثم حياتي المهنية، كنت أتحجج بأي شيء كي لا أفكر لأنني ببساطة لم أكن أواجه صعوبات في كليهما.
غرقت في جدالي مع نفسي فنسيت أن آدم كان يكلمني، أتوقع أنه تكلم كثيرا لكن الشيء الوحيد الذي وعيت عليه كان:
- - تكررت الأحلام معك ؟
- - أجل…تطاردني منذ سبعة أشهر.
- - سبعة أشهر! لما لم تخبريني ؟
- - أفترضت أنه ليس بالأمر المُلِح، تجاهلت الموضوع من الأساس.
- - كيف لكي أن تتعاملي بهذا البرود ؟ سبعة أشهر بحق الشيطان ؟
أخبرته أنني لا أرى غير الصدمة سببا لكثرة الأحلام لذا لم أدقق في الموضوع و لم أخبر أحد.
- - إن لم يكن لي الشرف أن أفهم لا تجعلني أتسائل أرجوك، لا أريد أن أقع في دائرة مفرغة تملأها اللامنطقية…فلننسى الموضوع.
لم يملك الوقت الكافي ليحاول إقناعي بغير ذلك فقد أتى عمار - صاحب المحل - مما إضطره إلى أن يقفل الخط. لبقية الطريق كانت الأحلام المتعلقة به تتأرجح داخل عقلي.
32
وجدت نفسي أفكر في تلك الأحلام التي أراها، كانت تلك الوحدة الرومنسية هي التي منعتني عن الإحساس بزجاج النافذة الذي طبع أثره الأحمر على خدي الأيسر، ومعزوفة تشايكوفزكي - مرة في الأحلام - هي التي منعتني عن السماع و الشعور بالرياح التي كان تصفعني ببرودتها المميتة، في المكان الذي أعيش فيه إقترف الجو البارد جرائم عديدة لكنه لم يقتل غير الفقراء، المتشردين و المتسولين، و الذين لم يطاردهم في أحلامهم شخص إسمه عارف - الذي وقتها لم أكن أعرف إسمه بعد - أما أنا فخجلي من تلك الذكريات سرع دمائي ليصبح وجهي كإشارة سير حمراء تأمرك بالوقوف مكانك و عدم الإقتراب من صبية تبدو كالمغرمة.“
- - إنه فعلا أنا! أنا فارس الأحلام ذاك! فارس الكوابيس في نظرها لكن سيتغير هذا، وعد لنفسي و لكِ يا ناتالي.
- أحب أن أظهر عدم إهتمامي بالأشياء والأشخاص لكن هذه الحالة مختلفة تماماً لن أضيع سنوات من حياتي من أجل كبرياء مزيفة تخنقني.
لم أنم ليلتها، كانت تلك أقوى حرب وصلتها و المرحلة الفاصلة في مرضي، كانت بداية النهاية.
كانا عارف و عاطف يتنازعان في داخلي. عارف الذي يريد الإستيلاء علي و الإنتقام من ناتالي و عاطف الذي يحبها فعلاً، عارف الذي يزعم أنه لا يحتاج لشريك حياة وعاطف الذي ملكته ناتالي منذ 9 سنوات.
لا أنكر أن عارف يشبهها أكثر، نرجسي، قوي، لا يهتم لرأي أحد لكن من غير ناتالي ما كان ليصبح نفسه لأنه قبل سنوات كنت أنا المتحكم.
34
أنا عاطف، أشبه إسمي كثيراً، أنا عاطفي جداً، أتعلق بالأشياء و الأشخاص الذين أشعر بصدقهم، قليلون جداً لدرجة أنني عانيت من الوحدة لسنوات لكن الروايات كانت بجانبي دائماً، أحب الحب و أخاف الوحدة، أخاف الوقوف في مكان تحط علي الأنظار، أرتبك.
و أيضاً لا أنكر أنني منذ أول مرة قابلتها عبر الفايسبُك أحسست بجرئتها، شيء لم أتحلَ به، أنا أخجل كثيراً لكن هي موقفها واضح، واضحة و صريحة، حتى لو كان كلام موجهاً لك ستشعر أنك لست قادراً على لمسها، قد تكون هناك للحظة أما الثانية لن تكون موجوداً بالنسبة لها، تكون مجرد إنسان حقوقك محدودة لن تهز منها شعرة.
أعارتني ناتالي قليل من إنتباهها ذات يوم و يا رجل كيف لي أن أصف الشعور!؟ كأنني لم ألاحظ قبلها وجود قلبي. كنت كالخائف الضائع، لم أرد أن تنتهي تلك الثواني. كنت أعرف أنني أضعف من أن أكون مناسباً لها وأنني مجرد شخص لن يترك أي بصمة عليها.
35
Comments (1)
See all